بحضور أكثر من (1100) مشارك من القانونيين »قانونية دبي« تناقش في مؤتمرها الرابع التحديات القانونية في استخدام الذكاء الاصطناعي

في إطار مسؤوليتها المعرفية، وحرصها على تعزيز الوعي بالمستجدات التي يشهدها العمل القانوني، عقدت دائرة الشؤون القانونية لحكومة دبي مؤتمرها القانوني الرابع تحت عنوان (التحديات القانونية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي) لمناقشة أثر التحول التقني لبرمجيات الذكاء الاصطناعي في ممارسات القطاع القانوني.

    واستهدف المؤتمر الذي حضره عبر تقنية الاتصال المرئي أكثر من (1100) مشارك من الجهات الحكومية المحلية والاتحادية، ومزاولي المهن من مكاتب المحاماة والاستشارات القانونية، والأكاديميين وطلبة الجامعات من كليات القانون، رصْد أثر التطور التقني وتحدياته في واقع ومستقبل القطاع القانوني، وطرح أفضل ممارسات وتجارب توظيف الذكاء الاصطناعي في مزاولة المهن القانونية.

الجاهزية للمستقبل

    وفي كلمته الافتتاحية لوقائع المؤتمر، أكّد سعادة الدكتور لؤي محمد بالهول، مدير عام دائرة الشؤون القانونية لحكومة دبي، أن التعامل مع التكنولوجيا لم يعد مجرد توظيف أدوات تقنية لتطوير خدمة أو تحسين تجربة مستخدميها، ولم يعد اختيارًا يمكن الاستغناء عن تطبيقه، ابتداءً من أبسط القطاعات والمجالات وانتهاءً بأكثرها حيويةً وتعقيدًا وارتباطًا بحركة المجتمعات، ومن ثمَّ صار التعامل معها حتميةً ومتطلبًا أساسيًّا للتفاعل مع الواقع، والتأهب للمستقبل، لا سيما ونحن نخوض كل يومًا تحديًا جديدًا مع طموح العقل البشري، وما يصنعه من قفزات تكنولوجية لا تعرف آفاقها حدودًا، تتطلب من المؤسسات جاهزية بمهارات وقدرات نوعية تقرأ المستقبل بصورة استباقية، وتفرض في الوقت ذاته سياسات طموحة قادرة على الاستفادة من الفرص الواعدة التي توفرها تلك التكنولوجيا.

    وأوضح سعادة د. بالهول أن المؤتمر يستجيب بأهدافه ومحاوره المطروحة لما أطلقته دولة الإمارات بشكل عام وحكومة دبي بشكل خاص من استراتيجيات وتشريعات تتعلق بالذكاء الاصطناعي، لضمان توفير بيئة آمنة في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وفق أطر تشريعية تستوعب مخاطره التي ترافق بالضرورة معطيات وتداعيات تلك الثورة التكنولوجية، لا سيما في القطاع القانوني الذي يرتبط بمختلف القطاعات.

توجيهات القيادة

   وأشار سعادة د. بالهول أن الدائرة حين وضعت رسالتها ضمن خارطتها الاستراتيجية المحدّثة، والتي تنص على "تقديم خدمة مبتكرة تعزز تنافسية القطاعين القانوني الحكومي والمهني في دبي، ومساهمتها في التنمية المستدامة بالإمارة من خلال الاستباقية والرقمنة"، تدرك مسؤوليتها في كونها جزءًا من الجهود المبذولة في صناعة المستقبل في العمل القانوني، وفق ما تتبناه منظومة رائدة في العمل الحكومي، ترسم رؤاها توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي (رعاه الله)، ويتابع تنفيذ خططها واستراتيجياتها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبيّ رئيس المجلس التنفيذي، وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية.

    واختتم مدير عام الدائرة كلمته بالتأكيد على أهمية هذه الملتقيات في إثراء المعرفية القانونية تشريعًا وتطبيقًا، وما تفتحه تساؤلاتها من مسارات جديدة أمام ملتقيات علمية أخرى في كل ما يرسخ سيادة القانون.

جلسات المؤتمر

   تضمنت أوراق المؤتمر الذي أدار جلساته الدكتور جمعة عبيد الفلاسي، مدير إدارة شؤون المحامين والمستشارين القانونيين، ثلاث عشرة ورقة عمل، تحدث فيها من دائرة الشؤون القانونية لحكومة دبي، د. بشار ملكاوي الذي تناول أوجه التقاطع بين الأعمال المولدة من خلال الذكاء الاصطناعي وقانون حقوق المؤلف، طارحًا تساؤلاته حول مدى إمكانية أن يكون المؤلف آلة، ومدى الحاجة إلى الإفصاح عندما يكون المصنف مولدًا عبر تقنية الذكاء الاصطناعي، ومستعرضًا بعض الدعاوى التي تمت إقامتها في شأن حقوق المؤلف ضد الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، مشيرًا إلى المبادئ العامة لقانون حقوق المؤلف في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتحدي الذي قد يطرأ نتيجة استخدام التقنيات المتقدمة.

   كما تحدث المستشار رضا السيد عن المهن القانونية والذكاء الاصطناعي في ظل تزايد استخدام التكنولوجيا وما يترتب عليه من تحديات في حماية البيانات والخصوصية، وضمان الامتثال للقوانين والتشريعات، حيث أوضح أن استخدام هذه التقنية سيحدث تغيرًّا جذريًّا للمهن القانونية، وسيقوم بتحسين كفاءة العمل القانوني أمام القضاء، إلا أن ذلك الاستخدام في الوقت ذاته سيواجه العديد من التحديات في الكثير من المسائل المتعلقة بإقامة بعض التشريعات المنظمة، وذلك لمواكبة التحديات المستقبلية في سياق المسؤولية القانونية. 

   وحول المواكبة التشريعية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، طرح المستشار أحمد ماهر، والمستشار أحمد الريحاني، ورقة تطبيقية عن القانون رقم (9) لسنة 2023 بشأن تنظيم تشغيل المركبات ذاتية القيادة في إمارة دبي، حيث ناقش المتحدثان التطورات الكبيرة التي تمت في الدولة لتهيئة البيئة التشريعية المتكاملة الداعمة للقيادة الذاتية للسيارات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى الواقع المستقبلي لتلك التشريعات الفريدة من نوعها.

    وتناولت د. آمال البريشي المسؤولية القانونية عن أعمال الذكاء الاصطناعي من خلال وجود الإطار التشريعي المنظم لاستخدام تطبيقات هذه التكنولوجيا، وضرورة التركيز على إعادة النظر في الطبيعة القانونية للآلات الذكية بمنحها مركزًا قانونيًا وشخصية قانونية مرتبطة بالشركات مختلفة عن الأشياء العادية، والنظر في المبادئ القانونية المنظمة للذكاء الاصطناعي وأخلاقياته لتحقيق تنظيم أكثر فاعلية للذكاء الاصطناعي، وهو الإطار الذي ناقشه كذلك المستشار أسامة زايد في جلسة حول المسؤولية القانونية عن الأعمال غير المشروعة للذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى التهديدات والمخاطر والأضرار والأخطاء المرتبطة باستخدام التقنيات الرقمية المتقدمة، وأهمية تعيين الشخص المسؤول عن أضرار ذلك الاستخدام، لكيلا تنفلت المسؤولية القانونية، في حين طرحت هيلدا وهبي ورقة عمل استعرضت فيها مخاطر وتحديات الممارسات التعاقدية مع موردي الذكاء الاصطناعي، متطرقة إلى الاستبيانات والإحصائيات المرصودة في شأن استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل مزاولي العمل القانوني والجهات القضائية والتي تظهر وجود قلق كبير نظرًا لوجود انتهاكات بشأن المصنفات الأدبية والفكرية.

   وفي السياق ذاته شارك في جلسات المؤتمر مستشارون قانونيون من مكاتب المحاماة والاستشارات القانونية المرخصة لدى الدائرة، حيث تحدث أندرو فوسيت عن الأهمية المتزايدة لأنظمة الذكاء الاصطناعي وتطوراتها المستمرة في مجال تقديم الخدمات، موضحًا موقف المختصين تجاه تكامل الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني، وأهمية وضع القواعد اللازمة لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل فعال يدعم سيادة القانون.

    كما ناقش حمد عبد الله ضمانات حماية الملكية الفكرية في استخدامات الذكاء الاصطناعي، والتي تلعب دورًّا حيويًّا في تشجيع الابتكار، متحدثًا عن تأثير الذكاء الاصطناعي على عمليات الملكية الفكرية، مع التحديات المتعلقة بإعادة إنتاج الأعمال المحمية دون موافقة صاحب المصنف، مطالبًا بتحديد إطار قانوني فعّال يواكب التطورات التكنولوجية ويحمي حقوق الملكية الفكرية، بينما استعرض سيرجيس ديليفكا دور الذكاء الاصطناعي في تسوية النزاعات، وذلك لقدرته على التنبؤ بالقرارات والنتائج بدقة عالية في بعض المعاملات القانونية، بما يسهم بشكل فاعل في تحسين عمليات تسوية النزاعات وتقليل الدعاوى أمام القضاء، وتطرق بن جيبسون للممارسات التشريعية العالمية في تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي، وتوظيفه في التصدي للعديد من الجرائم الكبيرة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى تزايد المخاطر المرتبطة به.

   وناقش منير صبح في جلسته المسؤولية القانونية في جرائم تقنية المعلومات عبر استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا جاهزية تشريعات دولة الإمارات لمواجهة انتهاكات الخصوصية وسياسات حماية البيانات، ومواجهة الجريمة الإلكترونية، مشيرًا إلى المسؤوليات المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في حال تم استخدام برمجياته في نشر البيانات المضللة والزائفة، بينما استعرض ناصر خصاونة التحديات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي من المنظور التشريعي، والمبادئ القانونية المنظمة له في كل من الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والصين، والإمارات العربية المتحدة.

 وتناول تشارلز ديرساهاكيان تحديات مزاولة المهن القانونية في عصر الذكاء الاصطناعي، في ظل القفزة النوعية الحالية لهذه التقنية في الممارسة القانونية وتأثيراتها الحالية والمستقبلية، مشيرًا إلى أهمية التحقق من صحة ودقة البيانات المقدمة من تلك البرمجيات الذكية، إذ إن كثيرًا من الموكلين لا يفضلون التعامل مع الآلة بعيدًا عن الإنسان في المسائل الحساسة، نظرًا للمسؤولية عن الأخطاء المحتملة التي قد ترتكب من قبل البرمجيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.  


بحضور أكثر من (1100) مشارك من القانونيين  »قانونية دبي« تناقش في مؤتمرها الرابع التحديات القانونية في استخدام الذكاء الاصطناعي

×